طاقة: أسعار النفط تتراجع وسط مخاوف جيوسياسية وتقلبات السوق

إسطنبول، 25 يونيو 2024: شهدت أسعار النفط خلال اليومين الماضيين تراجعاً ملحوظاً، لتفقد بعضاً من المكاسب التي حققتها في الأسابيع الماضية، وذلك في ظلّ ديناميكيات معقدة تشمل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، إلى جانب اتجاهات الطلب والمخزونات.

انخفاض الأسعار: أسباب وتأثيرات

انخفض خام برنت بنحو دولارين ليصل إلى 84.70 دولاراً للبرميل، متراجعاً عن أعلى مستوى له في الأسبوع الماضي عند 86.80 دولاراً، بينما هبط خام غرب تكساس الوسيط بنحو دولارين أيضاً ليصل إلى 79.50 دولاراً للبرميل، بعد أن لامس 81.50 دولاراً في وقت سابق من الشهر.

ويُعزى هذا التراجع في الأسعار إلى مزيج من العوامل، على رأسها:

• العزوف عن المخاطرة: تسيطر موجة من القلق على الأسواق المالية العالمية، حيث تراجعت الأسهم الآسيوية والأوروبية والأمريكية بشكل ملحوظ، مدفوعةً بمخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع معدلات التضخم.
• ارتفاع الدولار: أدى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية إلى زيادة تكلفة النفط على المستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما أضاف ضغوطاً إضافية على الأسعار.
• الهجمات على السفن: على الرغم من تصاعد الهجمات على السفن قبالة اليمن، والتي كان من المتوقع أن تدعم أسعار النفط بسبب المخاوف بشأن إمدادات الطاقة، إلا أن تأثيرها كان محدوداً نسبياً بسبب العوامل العالمية الأوسع.

عوامل تدعم الأسعار وتوقعات مستقبلية:

على الرغم من التراجع الحالي، لا تزال هناك عوامل تدعم أسعار النفط على المدى المتوسط إلى الطويل، تشمل:

• توقعات عجز الربع الثالث: يشير تحليل خبراء السوق إلى احتمال حدوث عجز في سوق النفط خلال الربع الثالث من العام، مما يُنذر بعودة الأسعار للارتفاع.
• ارتفاع الطلب: تُظهر المؤشرات ارتفاع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، بالإضافة إلى ازدياد حركة السفر الجوي، مما يُشكل داعماً إيجابياً لأسعار النفط.
• انحسار المضاربة: أصبح المضاربون أكثر إيجابية تجاه النفط مع دخول فصل الصيف، مما قد يُعزز الأسعار في الفترة القادمة.

انتخابات إيران وتأثيرها:

تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تجري في إيران يوم الجمعة، بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر الشهر الماضي، قد تُلقي بظلالها على مسار أسعار النفط.

وتأتي هذه الانتخابات في وقت يشهد تصاعداً في التوتر بين إيران والغرب، ولذلك يترقب المستثمرون بحذر نتائجها وتأثيرها على العلاقات الدولية وسوق النفط.

سيناريوهات محتملة:

في ظلّ هذه الظروف المعقدة، يواجه سوق النفط احتمالات متعددة، وتشمل السيناريوهات المحتملة ما يلي:

• ارتفاع الأسعار على المدى القصير: قد تُؤدي عودة الطلب القوي خلال فصل الصيف، إلى جانب المخاوف الجيوسياسية المتعلقة بإيران، إلى انتعاش أسعار النفط في الفترة القادمة.
• استمرار التقلبات: من الممكن أن تستمر أسعار النفط في التذبذب على المدى القصير، متأثرة بالعوامل الاقتصادية العالمية وتطورات الأحداث الجيوسياسية.

• اتجاه صعودي ًعلى المدى الطويل: تشير بعض التوقعات إلى أن الطلب المتزايد على النفط في السنوات القادمة، مع استمرار محدودية الإمدادات، قد يدفع بأسعار النفط إلى اتجاه صعودي ًعلى المدى الطويل.

خاتمة:

يُواجه سوق النفط تحديات كبيرة وسط ديناميكيات معقدة تشمل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، إلى جانب اتجاهات الطلب والمخزونات.

وتلعب التطورات في إيران، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية المبكرة، دورًا هامًا في تحديد مسار السوق خلال الفترة القادمة.

وعلى الرغم من التراجعات المؤقتة، تشير بعض المؤشرات إلى احتمالية عودة الأسعار للارتفاع على المدى القصير والمتوسط، مدفوعةً بعوامل مثل الطلب الموسمي وانحسار المضاربة وتوقعات عجز الربع الثالث.

ومع ذلك، تبقى المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية العالمية عالقة، مما قد يُؤدي إلى استمرار التقلبات في أسعار النفط على المدى القصير.

وعلى المدى الطويل، يُتوقع أن يظل الطلب على النفط مرتفعًا، مما قد يدعم الأسعار بشكل عام، ولكن يبقى ذلك مرهونًا بتطورات التكنولوجيا والبدائل المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة على مستوى العالم.