اليوان الصيني يزاحم الدولار الأمريكي

folder_openاقتصاد
شهد الساحة الاقتصادية العالمية تطورًا ملحوظًا منذ بداية الألفية الثالثة، حيث برزت الصين كلاعب اقتصادي بارز، وأصبحت بكين الآن تعتبر القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وبحسب البنك الدولي للعام 2021، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين مبلغ 17.7 تريليون دولار، وهو…

شهد الساحة الاقتصادية العالمية تطورًا ملحوظًا منذ بداية الألفية الثالثة، حيث برزت الصين كلاعب اقتصادي بارز، وأصبحت بكين الآن تعتبر القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب البنك الدولي للعام 2021، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين مبلغ 17.7 تريليون دولار، وهو يمثل نسبة 18.4٪ من الناتج المحلي العالمي الإجمالي البالغ 96.1 تريليون دولار.

الاقتصاد الصيني يظهر تقدمًا ملحوظًا على الساحة العالمية في مجموعة من المجالات، بما في ذلك التجارة الدولية ومنح القروض للدول النامية والأقل نموًا. كما تنافست الصين بشكل جاد مع الولايات المتحدة وأوروبا في مجال تطوير التكنولوجيا، وهذا يعتبر جزءًا مهمًا في الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة.

 

ارتفاع صادرات الصين

في عام 2021، بلغت صادرات السلع الصينية 3.36 تريليون دولار، بينما بلغت وارداتها 2.68 تريليون دولار، مما أدى إلى فائض تجاري يقدر بنحو 676 مليار دولار.

منذ عام 2016، نجحت الصين في تعزيز وجود عملتها المحلية، اليوان، على الساحة الدولية من خلال اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى جعل اليوان جزءًا من احتياطيات النقد الأجنبي للدول الأخرى. هذا يعني أن الدول الأخرى يمكنها استخدام اليوان في التعاملات التجارية والمالية مع الصين، مما يشجع على تخزين اليوان من قبل بنوك الدول المختلفة.

بدأت الصين أيضًا في إنشاء مراكز لتسوية التعاملات باليوان في عدة مناطق حول العالم، بما في ذلك قطر والإمارات في منطقة الخليج، بالإضافة إلى مناطق أخرى في آسيا وأوروبا. وتعهد الصين بتوفير اليوان للدول التي ترغب في استخدامه.

من حيث الأداء كعملة احتياطية من النقد الأجنبي، يحتل اليوان المرتبة الرابعة على مستوى العالم بنسبة 2.8٪ من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي للبنوك المركزية. وهذا يعكس تقدمًا ملحوظًا منذ عام 2016 عندما كان نصيبه 1.08٪.

يُتوقع أن تسعى الصين في السنوات القادمة لتعزيز موقع اليوان في السوق الدولية كعملة لتسوية التعاملات المالية والتجارية. وتخطط أيضًا لإصدار سندات دولية مقومة باليوان.

من الجدير بالذكر أن الصين قد قدمت قروضًا ثنائية بقيمة تريليون دولار (تقديريًا) إلى الدول النامية والأقل نموًا، وهو رقم تقديري وليس له إحصاء رسمي من الصين. تعتبر الصين منافسًا للمؤسسات المالية الدولية في مجال إقراض هذه الدول.

ما الفائدة التي تحققها الصين من جعل اليوان عملة مقاصة؟ جعل اليوان عملة مقاصة في تعاملات الصين المالية والتجارية مع الدول الأخرى يحمل فوائد متعددة. أولًا وقبل كل شيء، يقلل هذا الإجراء من التبعية المالية والنقدية للسياسة النقدية الأمريكية على الصين وشركائها.

إذا كان العالم يمكنه استخدام اليوان في التعاملات مع الصين، فإن ذلك يقلل من تأثير السياسة النقدية الأمريكية على الاقتصاد الصيني ويزيد من استقلاله.

ومن الناحية الثانية، تزيد هذه الخطوة من احتمالية أن تستحوذ بنوك الدول المركزية على اليوان كجزء من احتياطياتها النقدية، مما يعزز مكانة اليوان في النظام المالي العالمي.

هل ستؤثر مقاصة اليوان على مكانة الدولار في التسويات الدولية؟ على الرغم من تطور مكانة اليوان في الساحة الدولية، إلا أن الدولار ما زال يحتل مكانة قوية جدًا في التسويات الدولية. فالدولار يمثل حاليًا حوالي 41٪ من احتياطيات النقد الأجنبي على مستوى العالم ونسبة 60٪ من عملات الدفع العالمية و60٪ من الديون الدولية و52٪ من مدفوعات القروض الدولية.

لكي يمكن لليوان مزاحمة الدولار في هذه المجالات، فإن ذلك سيتطلب وقتًا طويلًا وتطويرًا اقتصاديًا إضافيًا من قبل الصين. الدولار لديه تاريخ طويل في هذه المجالات وموقع قوي، وبالتالي، يجب على اليوان تحقيق المزيد من القوة الاقتصادية والثقة الدولية لمنافسة الدولار على نطاق عالمي.

 

نهج قديم

منذ عام 2009، اعتمدت بكين سياسة جديدة تهدف إلى تقليل اعتمادها على الدولار في معاملاتها التجارية. تهدف هذه السياسة إلى تعزيز استخدام عملتها المحلية وتسوية أكبر قدر من صفقاتها التجارية في الأسواق الخارجية باستخدام اليوان الصيني. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الصين أيضًا في الدخول في خطوط ائتمان متبادلة مع العديد من البنوك المركزية حول العالم.

 

هذه الجهود بدأت تظهر نتائج إيجابية، حيث ارتفع حجم البضائع الصينية المصدرة إلى الأسواق الخارجية والتي تتم تسويتها باستخدام العملة الصينية بشكل كبير. في عام 2012، كان حوالي أقل من 10٪ من الصادرات الصينية تُسوى باليوان، ولكن في عام 2015، ارتفع هذا الرقم إلى مستويات اقتربت من 30٪. ومع ذلك، بدأت النسبة تتراجع تدريجيًا بسبب تصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، لتصل إلى نحو 15٪ فقط.

 

في الوقت الحالي، تعمل الصين على تهيئة البنية التحتية الداخلية لاستخدام اليوان الرقمي وتعزيز تطبيقه في معاملاتها المحلية والدولية. هذه الخطوات تأتي في إطار جهودها لجعل اليوان عملة عالمية قوية.

 

وتشير تقارير إلى أن الصين أيضًا تواصل مع العديد من البنوك المركزية في دول أخرى مثل الإمارات وتايلاند، بهدف توسيع استخدام اليوان في معاملاتها مع هذه الدول. لا تقتصر جهود الصين على التواصل مع البنوك المركزية فقط، بل تشمل أيضًا التعامل مع شركات المدفوعات وبنك التسويات الدولي.

 

على الصعيد المالي، قامت الصين بإطلاق عقود مشتقات مالية مقومة بالعملة المحلية، مما سمح للأجانب بالتداول بها. هذه الخطوة تهدف إلى خلق طلب متزايد على اليوان، بالإضافة إلى ترويجها كعملة تُعتبر مخزنًا للقيمة خاصةً مع انخفاض معدلات التضخم في البلاد.

مؤشر الناسداك: محرك اقتصادي عالمي ومؤشر للتكنولوجيا
ارتفاع في اسعار النفط وسط مخاوف من البيانات الضعيفة الصادرة من الصين.
هل ترى فرصة تداول؟ افتح حساب الآن!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

keyboard_arrow_up